تخضع أحكام التحكيم الأجنبية فى تنفيذها لاتفاقية
نيويورك المؤرخة سنة 1958، والخاصة بالاعتراف بأحكام التحكيم الأجنبية وتنفيذها،
والمصدق عليها فى مصر والصادرة بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959، تنص
المادة الثالثة من الاتفاقية المذكورة على أن:
"تعترف كل من الدول المتعاقدة بحجية حكم التحكيم وتأمر بتنفيذه
طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فى الإقليم المطلوب إليه التنفيذ وطبقاً للشروط
المنصوص عليها فى المواد التالية.
ولا تفرض للاعتراف أو تنفيذ أحكام المحكمين التى تطبق عليها أحكام
الاتفاقية الحالية شروط أكثر شدة ولا رسوم قضائية أكثر إرتفاعاً من تلك التى تفرض
للاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الوطنيين."
وبصدور قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994،
أصبح التشريع المصري يحتوى على نظامين لتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، نعرضهما
فيما يلي:
النظام
الأول: النظام المتبع لتنفيذ الأحكام والأوامر وأحكام التحكيم الأجنبية
طبقاً لقانون المرافعات المصري رقم 13 لسنة 1968 والمنصوص عليه فى المواد من 296
وحتى المادة 301 من القانون، حيث نصت المادة 299 من قانون المرافعات على أن:
"تسري أحكام المواد السابقة على أحكام المحكمين الصادرة فى بلد
أجنبي."
النظام
الثانى: هو النظام المتبع لتنفيذ أحكام التحكيم
طبقاً لقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 والمنصوص عليه فى المواد 9، 56، و57، و58
من قانون التحكيم.
أثار
ذلك التعدد انقساماً بين فقهاء القانون، بل ان المسألة مازالت خلافية بين الفقه
والقضاء بشكل عام، نظراً لوجود نظامين يجوز تطبيقهم على واقعة واحدة وهو الأمر
الذي لم يحسم لأى اتجاه حتى الأن، فظهر بالفقه ثلاثة أراء بشأن خضوع أحكام
المحكمين الأجنبية لأي من هذان النظامان، رأى أصحاب المذهب الأول أنه يجب تطبيق
قواعد قانون التحكيم على أحكام التحكيم الأجنبية التى يكون فيها الأطراف قد اتفقوا
على إخضاع نزاعاتهم الخارجية إلى قانون التحكيم، بينما يرأي أصحاب الرأى الثانى
أنه يجب أن يطبق قانون التحكيم على كافة المنازعات التحكيمية التى تنفذ بجمهورية
مصر العربية وتعميم تلك القواعد سواء تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف أم لم يتم
ذلك، واتجه أصحاب الرأى الثالث إلى ضرورة إعمال قواعد تنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية المنصوص عليها بقانون المرافعات دون اللجوء إلى القواعد المنصوص عليها
بقانون التحكيم.
وفيما
يلي نعرض لكل رأي بأدلته وموقف محكمة النقض من تلك الأراء وما انتهت إليه بنفسها
فى هذا الشأن:
الرأى
الأول: تطبيق قانون التحكيم فى التنفيذ فى حالة اتفاق الأطراف على تطبيقه على
النزاع:
يري
أنصار هذا الرأى من فقهاء القانون أنه يجب تطبيق نصوص قانون المرافعات على تنفيذ
أحكام المحكمين الأجنبية إذا ما اتفق الأطراف على تطبيق هذا القانون على إجراءات
التحكيم، فيري انصار هذا الرأى أن قواعد تنفيذ أحكام المحكمين الواردة بقانون
التحكيم تسري على كافة التحكيمات التى تتم داخل مصر أو التى تتم بالخارج والتى
يتفق فيها الأطراف على إخضاعها من الناحية الإجرائية إلى قانون التحكيم المصري
مع مراعاة ألا يخل ذلك بالإتفاقيات الدولية المعمول بها فى مصر، على أن يتم
تطبيق قواعد تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية المنصوص عليها بقانون المرافعات فى
حالة عدم اتفاق الأطراف على إخضاع النزاع لقانون التحكيم المصري.
حيث
تم النص فى المادة الأولي من قانون التحكيم المصري على أن :
"مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها فى
جمهورية مصر العربية تسرى أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص
القانون العام أو القانون الخاص أيا كان طبيعة العلاقة القانونية التى يدور حولها
النزاع إذا كان هذا التحكيم يجرى فى مصر، أو كان تحكيما تجاريا دوليا يجرى فى
الخارج وأتفق أطرافه على اخضاعه لأحكام هذا القانون".
كما
تم النص بالمادة 55 من ذات القانون على أن:
"تحوز أحكام المحكمين الصادرة طبقا لهذا القانون حجية الأمر المقضي
وتكون واجبة النفاذ بمراعاة الأحكام المنصوص عليها فى هذا القانون."
ولما
كان ذلك، وكان الثابت من المواد بعاليه أن فى حالة اتفاق أطراف النزاع على إخضاع
النزاع إلى قانون التحكيم فإنه بالتبعية يخضع تنفيذ الحكم الصادر فى ذلك التحكيم
إلى القواعد المنصوص عليها بقانون التحكيم فى شأن تنفيذ أحكام التحكيم.
(يراجع
فى ذلك د/ سمير الشرقاوى،التحكيم التجاري الدولى، دار النهضة العربية، القاهرة
2011، صفحة 534 وما بعدها)
الرأى
الثانى: تعميم قواعد قانون التحكيم المصري على التحكميات الداخلية والخارجية
الأجنبية:
فيري
أنصار هذا المذهب من فقهاء القانون أن أحكام المحكمين الأجنبية مثلها مثل أحكام
التحكيم الداخلية تخضع لقانون التحكيم ونصوص الأمر بتنفيذ الاحكام الواردة بقانون
التحكيم رقم 27 لسنة 1994 على العموم، فقانون التحكيم هو الشريعة العامة التى تحكم
نظام التحكيم فى مصر، ولو لم يتفق الأطراف على إخضاع منازعتهم لقواعد قانون التحكيم المصري مادام ان
تنفيذ الحكم يتم فى جمهورية مصر العربية.
ويستند
أصحاب هذا الرأى إلى نص المادة 301 من قانون المرافعات والتى تنص على أن:
" العمل بالقواعد المنصوص عليها فى المواد السابقة لا يخل
بأحكام المعاهدات المعقودة أو التى تعقد بين جمهورية مصر العربية وبين غيرها من
الدول فى هذا الشأن."
فبالرغم
من أن المادة 297 من قانون المرافعات قد جعلت الأمر بتنفيذ حكم التحكيم الأجنبي من
اختصاص المحكمة الابتدائية ويكون تقديم طلب التنفيذ بالطريقة المعتادة لرفع
الدعوى، أى ان يقوم راغب التنفيذ فى إقامة دعوى جديدة أمام المحكمة الابتدائية
بطلب الحصول على الصيغة التنفيذية على حكم التحكيم الأجنبي، وهو الأمر الذى يتطلب
وقتاً وجهود ونفقات كثيرة لا تيسير فيها ولا تحسين، كما أن الحكم الصادر فى تلك
الدعوى يكون قابل للطعن عليه بالاستئناف والنقض كذلك مما قد يطيل من أمد التنفيذ
لسنوات عديدة، وهو ما يخالف ما تم النص عليه بالمادة الثالثة من اتفاقية نيويورك
سالفة الذكر من انه يجب ان لا تفرض على تنفيذ قرارات التحكيم التي ينطبق عليها هذا
الميثاق اية شروط تكون اكثر قسوة (او رسوم تكون اعلى) من الشروط او الرسوم
المترتبة على تنفيذ قرارات التحكيم المحلية.
ولما
كانت الإجراءات المنصوص عليها بالمواد 56 و58 من قانون التحكيم أيسر من الإجراءات
المنصوص عليها بقانون المرافعات لأنه وفقاً لتلك المواد يتم الحصول على الصيغة
التنفيذية للحكم التحكيمي بموجب أمر على عريضة، وهى الإجراءات المنصوص عليها
لتنفيذ أحكام التحكيم الداخلية وبالتبعية لا يجب أن تكون قواعد استصدار الصيغة
التنفيذية لأحكام التحكيم الأجنبية أشد منها بأى حال من الأحوال.
فى هذا المعنى استقرت محكمة النقض على أن:
"انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك لسنة 1958 بشأن أحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها. اعتبار الاتفاقية قانوناً واجب التطبيق ولو تعارضت
مع أحكام قانون المرافعات .
(نقض مدنى، الطعن رقم 2994 لسنة
57ق، جلسة 16/7/1990)
وانتهت
أيضاً إلى أن:
"اعتبار المعاهدة
بعد تنفيذها قانوناً واجب التطبيق م 301 من ق مرافعات . القاعدة : المقرر – فى
قضاء هذه المحكمة – أن النص فى المادة 301 من قانون المرافعات على أن العمل بالقواعد المنصوص عليها فى الفصل الخاص بتنفيذ الأحكام والأوراق والسندات الأجنبية – لا يخل بأحكام
المعاهدات المعقودة والتى تعقد بين جمهورية مصر العربية وغيرها من الدول –
مؤداه أن تكون المعاهدة بعد نفاذها هى القانون واجب التطبيق فى هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار
إليه."
(نقض مدنى ، الطعن رقم 200 لسنة 66 ق، جلسة 14/5/2005)
ذلك
الرأى قد اتى متفقاً مع أحكام المادة 301 من قانون المرافعات ومواد قانون التحكيم واتفاقية نيويورك، حيث أن
ما ترمى إليه الاتفاقية هو عدم تعقيد إجراءات التنفيذ بالنسبة للتحكميات الأجنبية
عن التحكميات الداخلية فى الدول الموقعة على الاتفاقية منهم جمهورية مصر العربية،
وهو ما يعنى ضرورة تطبيق القواعد والإجراءات المتبعة بالنسبة للتحكميات الداخلية
أو ألا يتم تعقيد الإجراءات بالنسبة لأحكام التحكيم الأجنبية بإتباع القواعد
الأيسر فى تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية.
وقد انحازت محكمة النقض فى حكم لها إلى هذا
الرأى، حيث توسعت فى مدلول قانون المرافعات بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية
ليشمل القواعد الإجرائية فى قانون التحكيم، فانتهت إلى أن:
"الأحكام والأوامر الصادرة من بلد أجنبى. كيفية تنفيذها. المواد
296 ، 297 ، 298 مرافعات. الاستثناء. تطبيق معاهدة بعد نفاذها ولو تعارضت مع أحكام
هذا القانون. م 301 مرافعات. انضمام مصر إلى اتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام
المحكمين. أثره. اعتبارها القانون الواجب التطبيق ولو تعارضت مع أحكام أى قانون
أخر بمصر. القاعدة: مفاد المواد 296 ، 297 ، 298 ، 301 من قانون المرافعات المدنية
والتجارية أن الأصل هو أن يقدم طلب الأمر بتنفيذ الأحكام والأمر الصادرة فى بلد
أجنبى إلى المحكمة الابتدائية التى يراد التنفيذ فى دائرتها وذلك بالأوضاع
المعتادة لرفع الدعاوى إلا أن المشرع خرج على هذا الأصل فى المادة 301 مرافعات فى
حالة وجود معاهدة، ومؤدى ذلك أن تكون المعاهدة بعد نفاذها القانون الواجب التطبيق
فى هذا الصدد ولو تعارضت مع أحكام القانون المشار إليه. لما كان ذلك، وكانت مصر قد
انضمت إلى الاتفاقية الخاصة بالاعتراف بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها فى 8 من
يونيو سنة 1959 والتى أقرها مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بالتحكيم التجارى الدولى
المنعقد فى نيويورك فى المدة من 20 من مايو إلى 10 من يونيه سنة 1958 وصدر بشأنها
قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 وصارت نافذة فى مصر اعتباراً من 8/6/1959
ومن ثم فإنها تكون قانوناً من قوانين الدولة واجبة التطبيق ولو تعارضت مع أحكام
قانون المرافعات أو أى قانون أخر بمصر."
(نقض مدنى ، الطعن رقم 966 لسنة 73ق، جلسة 10/1/2005)
كما
اوردت أيضاً أن:
" قواعد المرافعات الواردة باتفاقية نيويورك الخاصة بأحكام
المحكمين. ماهيتها. قواعد تنظيم إجراءات الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها.
مؤدى ذلك. إتساع نطاق لتشمل قانون المرافعات أو أى قانون أخر ينظم تلك الإجراءات.
علة ذلك. أحكام المحكمين طبقاً لهذه الاتفاقية تنفذ وفقاً لأيسر تلك القواعد
واستبعاد الأكثر شدة. م3 من الاتفاقية المشار إليها. صدور قانون التحكيم 27 لسنة
1994 والمتضمن قواعد أقل شدة من قانون المرافعات سواء فى الاختصاص أو شروط
التنفيذ. أثره. وجوب تطبيقه على تلك الأحكام دون اشتراط موافقة الأطراف على تطبيقه.
القاعدة : 1ـ مفاد نص المادة الثالثة من
اتفاقية نيويورك لعام 1958 أن التنفيذ يتم طبقاً لقواعد المرافعات المتبعة فى
الإقليم المطلوب فيه التنفيذ مع الأخذ بالإجراءات الأكثر يسراً واستبعاد الإجراءات
الأكثر شدة منها، والمقصود بعبارة قواعد المرافعات. الواردة بالمعاهدة ـ أى قانون
ينظم الإجراءات فى الخصومة وتنفيذ الأحكام الصادرة فيها وبالتالى لا يقتصر الأمر
على القانون الإجرائى العام وهو قانون المرافعات المدنية والتجارية وإنما يشمل أى
قواعد إجرائية للخصومة وتنفيذ أحكامها ترد فى أى قانون أخر ينظم تلك الإجراءات والقول
بغير ذلك تخصيص بلا مخصص وإذ صدر قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 متضمناً القواعد
الإجرائية الخاصة بالتحكيم من بدايتها حتى تمام تنفيذ أحكام المحكمين وهو فى هذا
الخصوص قانون إجرائى يدخل فى نطاق عبارة ( قواعد المرافعات ) الواردة بنصوص معاهدة
نيويورك لعام 1958 ، فإن تضمن قواعد مرافعات أقل شدة سواء فى الاختصاص أو شروط
التنفيذ ـ لعموم عبارة النص الوارد بالمعاهدة ـ من تلك الواردة فى قانون المرافعات
المدنية والتجارية فيكون الأول هو الواجب التطبيق بحكم الاتفاقية التى تعد من
قوانين الدولة ولا حاجة بالتالى لاتفاق الخصوم فى هذا الشأن."
(ذات الحكم بعاليه)
وأيضاً في الطعن رقم ١٥٩١٢ لسنة ٧٦ قضائية
الصادر بجلسة 6/4/2015، والذي انتهت فيه المحكمة إلي أن:
"أنه إذ كان تنفيذ أحكام المحكمين
(الدولية) يتم طبقاً لنصوص المواد ٩ ، ٥٦ ، ٥٨ / ١ ،٢ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤
، فإن التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف
القاهرة ، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع
حكم سبق صدوره في مصر ، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح
، فإن رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يُقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف ، مما مفاده
أن الاختصاص ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب أمر على عريضة ، ويتم
التظلم في أمر الرفض لمحكمة الاستئناف ، وهى إجراءات اكثر يسراً من تلك الواردة في
قانون المرافعات .(٥) وكان النص في المادة ٧٦ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ بالرسوم
القضائية المعدل ، على أنه " تعتبر الدعاوى الآتية مجهولة القيمة : أولاً ..
ثانياً ... خامس عشر : التظلم من الأوامر على العرائض " ، مفاده أن الدعوى
التى يرفعها ذوو الشأن ، تظلماً من الأمر الصادر على عريضة سواء بالقبول أو الرفض
، تكون مجهولة القيمة ، في حكم قانون الرسوم القضائية ، بما بفرض عليها رسماً
ثابتاً طبقاً للفقرة الثانية من هذا القانون الأخير."
فيري
أنصار هذا المذهب فى الفقه والقضاء أن المشرع قد اعاد تنظيم موضوع تنفيذ أحكام
التحكيم الأجنبية فى قانون التحكيم على خلاف الثابت فى قانون المرافعات حين ما تم
فصل المواد المنظمة للتحكيم فى تشريع مستقل عن قانون المرافعات.
(يراجع
فى ذلك د/أحمد الصاوى، الوجيز فى التحكيم ، طبعة 2010، صفحة 440و 441)
وأيضاً حكم محكمة النقض الصدار في الطعن رقم رقم ١٥٩١٢ لسنة ٧٦ قضائي بجلسة
6/4/2015، والذي ينص علي أن:
"أنه إذ كان تنفيذ أحكام المحكمين (الدولية)
يتم طبقاً لنصوص المواد ٩ ، ٥٦ ، ٥٨ / ١ ،٢ من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ ، فإن
التنفيذ يتم بطلب استصدار أمر على عريضة بالتنفيذ إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة
، ويصدر الأمر بعد التحقق من عدم معارضة حكم التحكيم المطلوب تنفيذه مع حكم سبق
صدوره في مصر ، وأنه لا يتضمن ما يخالف النظام العام وتمام الإعلان الصحيح ، فإن
رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر يُقدم التظلم إلى محكمة الاستئناف ، مما مفاده أن
الاختصاص ينعقد لرئيس محكمة الاستئناف المذكورة بطلب أمر على عريضة ، ويتم التظلم
في أمر الرفض لمحكمة الاستئناف ، وهى إجراءات اكثر يسراً من تلك الواردة في قانون
المرافعات .(٥) وكان النص في المادة ٧٦ من القانون رقم ٩٠ لسنة ١٩٤٤ بالرسوم
القضائية المعدل ، على أنه " تعتبر الدعاوى الآتية مجهولة القيمة : أولاً ..
ثانياً ... خامس عشر : التظلم من الأوامر على العرائض " ، مفاده أن الدعوى
التى يرفعها ذوو الشأن ، تظلماً من الأمر الصادر على عريضة سواء بالقبول أو الرفض
، تكون مجهولة القيمة ، في حكم قانون الرسوم القضائية ، بما بفرض عليها رسماً
ثابتاً طبقاً للفقرة الثانية من هذا القانون الأخير."
الرأى
الثالث: تطبيق قانون المرافعات على تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية دون قانون
التحكيم:
يري
أنصار هذا المذهب من فقهاء القانون أن أحكام المحكمين الأجنبية لا تخضع لإجراءات الأمر
بالتنفيذ الواردة بقانون التحكيم المصري وإنما تخضع فى ذلك لنصوص قانون المرافعات
فى جميع الأحوال وحتى لو اتفق الأطراف إلى إخضاع خصومة التحكيم إلى قانون التحكيم.
حيث يري أنصار هذا المبدأ أن نص المادة الثالثة
من اتفاقية نيويورك لا تهدف إلى توحيد قواعد التنفيذ بين التحكيم الداخلي والتحكيم
الأجنبي كل ما هناك أن الاتفاقية ترمى إلى عدم التشديد فى الإجراءات الخاصة بتنفيذ
أحكام المحكمين الأجنبية.
ويستند
أصحاب هذا الرأي إلى نص المادة الثالثة من اتفاقية نيويورك حين ما نص على أن تأمر
الدول المتعاقدة بتنفيذ أحكام التحكيم طبقاً لقواعد المرافعات المعمول بها فى
الدولة المطلوب التنفيذ فيها، وعليه وجب إعمال المواد من 297 وحتى 301 من قانون
المرافعات فى حالة طلب تنفيذ.
وأيدت
محكمة النقض هذا الإتجاه فى حكمًا لها، حيث انتهت فيه إلى أن:
"إذا طلب المحكوم له تنفيذه - حكم تحكيم أجنبى غير خاضع لأحكام
قانون التحكيم المصرى - في مصر، فإن عليه أن يرفع دعوى بالإجراءات المعتادة وفقاً
لنصوص قانون المرافعات المصرى" المواد 296 وما بعدها" واتفاقية نيويورك
لعام 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية والتى انضمت إليها مصر
بالقرار الجمهورى رقم 171 لسنة 1959 الصادر في 2/2/1959 وأصبحت تشريعاً نافذاً بها
اعتباراً من 8/6/1958."
(نقض مدنى ، الطعن رقم 913 لسنة 73، جلسة 23/02/2010)
(يراجع
فى ذلك د/فتحى والى، التحيم التجاري الدولى ، دار منشأة المعارف، الأسكندرية 2014)
خلاصة
القول:
بالرغم
من ان قانون التحكيم قد صدر منذ ما يقارب الثلاثين عاماً، إلا أن مسألة أى نظام
يحكم تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية هى مسألة خلافية شديدة التعقيد ومازالت الاتجاهات
الثلاثة أو الآراء الثلاثة السابق عرضهم تجد صدى لدى العديد من فقهاء القانون
وقضاة محاكم الاستئناف وقضاة محكمة النقض، ولم يتم حسم هذا الخلاف بأى وسيلة
كتشريع من مجلس النواب، أو بصدور قرار بتنظيم مسألة إعطاء الصيغة التنفيذية لأحكام
التحكيم الأجنبية من وزير العدل، أو حتى بصدور حكم موحد من محكمة النقض يحدد لأى
من مواد قانون المرافعات أو قانون التحكيم تخضع عملية تنفيذ أحكام المحكمين
الأجنبية.
كما
ان العمل قد جري بالمحاكم على قبول طلبات المحكوم لهم فى أحكام التحكيم الأجنبية
إذا ما أتبعوا أى من الطريقين المنصوص عليهما فى قانون المرافعات وقانون التحكيم
بشأن طلبات تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، مما يتضح معه انه لا ضير فى أى
السبيلين اتبعت للحصول على الصيغة التنفيذية لحكم التحكيم الاجنبي.
تعليقات
إرسال تعليق