القائمة الرئيسية

الصفحات




 حدد القانون المصري ثلاثة حالات تستحق فيها الفوائد التأخيرية على الديون، وهي حالات يحددها القانون، وحالات تحدد بالعرف، أو عند اتفاق الدائن والمدين، وقد حدد القانون ثلاثة مواقيت أساسية قد تستحق فيها الفوائد التأخيرية عند التخلف عن سداد الديون في مواعيد استحقاقها، وذلك لكلا من الديون المدنية والتجارية، وهي عند ميعاد استحقاق الدين، أو عند المطالبة القضائية، أو عند تمام الحكم بتلك المبالغ؛ ولقد فرق القانون تفرقة واضحة عن ما إذا كانت الديون المطالب بها ديون مدنية أم تجارية الا انه ساوى فيما بينهم فيما يتعلق بترك الأمر لاتفاق الأطراف في المقام الأول كما سنعرض لاحقاً.
وأساس المطالبة بالفوائد التأخيرة ورد بنص المادة 226 من القانون المدني التى تنص على أن:
إذا كان محل الإلتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية، وتسري الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً أخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره."
فيما يلي نعرض للحالات السابقة وتفصيلها.

أولاً: حالات حددها القانون:

الحالة الأولي: فرض الفوائد عند استحقاق الدين:

نصت المادة 64 من قانون التجارية المصري رقم 17 لسنة 1999 على أن:
"يستحق العائد على التأخير في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحققها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك.
ولا يجوز في أي حال أن يكون مجموع العائد الذي يتقاضاه الدائن أكثر من مبلغ الدين، الذى أحتسب عليه العائد إلا إذا نص القانون أو جري العرف على غير ذلك."
وثابت من قانون البنك المركز والجهاز المصرفي  رقم 88 لسنة 2003 بالمادة 40 منه جواز أن تزيد قيمة الفائة على الدين بالنسبة لمعاملات البنوك، حيث نصت المادة على أن:
"لكل بنك سلطة تحديد معدلات العائد عن العمليات المصرفية التى يقوم بها حسب طبيعة هذه العمليات ، كما يكون له أن يحدد أسعار الخدمات المصرفية التى يتعامل بها ، وذلك دون التقيد بالحدود والأحكام المنصوص عليها فى أى قانون آخر .
وفى جميع الأحوال على البنك الإفصاح للعميل عن معدلات العائد وأسعار الخدمات المصرفية , وفقا لقواعد الإفصاح التى تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون ".
وهي المقابلة للمادة 7 فقرة د من قانون البنك المركزي القديم رقم 120 لسنة 1975 الملغي بالقانون الحالي، وسوف نعرض لذلك في بحث لاحق لخروجه عن موضع البحث الحالي.
 وانتهت محكمة النقض في هذا الشأن إلي أن:
"الأصل فى استحقاق الفوائد الاتفاقية هو اتفاق الدائن مع المدين ، فإذا اتفق الطرفان على سعر معين فلا يجوز للدائن أن يستقل برفعه ، وأن المشرع حرم بنص المادة 227 من القانون المدنى – فى غير عمليات البنوك – زيادة سعر هذه الفوائد على حد أقصى معلوم مقداره 7% ونص على تخفيضها إليه ، وحرم على الدائن قبض الزيادة وألزمه برد ما قبضه منها غير أن المشرع أجاز فى الفقرة (د) من المادة السابعة من القانون رقم 37 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفي لمجلس إدارة هذا البنك " تحديد أسعار الخصم وأسعار الفائدة الدائنة والمدينة على العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها ومقدار الحاجة إليه وفقاً لسياسة النقد والائتمان دون التقيد بالحدود المنصوص عليها فى أى تشريع آخر " وهو ما يدل على اتجاه قصد الشارع – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – إلى استثناء العمليات المصرفية من قيد الحد الأقصى للفائدة الاتفاقية المنصوص عليه فى المادة 227 من القانون المدنى ."
(نقض مدني ، الطعن رقم 219 لسنة 84 ق، جلسة 17/5/2017)

الحالة الثانية: استحقاق الفوائد عند المطالبة بالدين:

أشترطت المادة 226 من القانون المدني لكي تستحق الفوائد من تاريخ المطالبة بالدين شرطين مهمين نضيف عليهما شرطين أخرين كما سنوضح فيما يلي:

أولاً: أن يكون الدين معلوم المقدار وقت المطالبة به:

فيلزم أن يكون مقدار الدين معلوم غير متنازع فيه، وفي حالة تخلف ذلك الشرط فيسقط الحق في المطالبة بالفوائد التاخيرية من تاريخ المطالبة وقد يثبت استحقاقه من تاريخ الحكم به على ضوء ما سنري لاحقاً.

ثانياً: أن يكون الدين مستحق الاداء:

فلا يستقيم بالتبعة أن يكون الدين محل المطالبة موقف على أي شرط أو علة ولكن يجب ان يكون حال الأداء بدون أجل أو لأي سبب كان.

ثالثاً: توافر ركن الخطأ في حق المدين:

ولتستحق الفوائد التأخيرة على المدين ، يجب أن يكون التأخير في السداد عائد إلي المدين، لا بسبب الدائن، فإذا كان السبب في التأخير في السداد عائد إلي الدائن نفسه فلا يستحق الدائن أي فوائد تأخيرية عن الدين المتأخر في تنفيذه، وذلك لأن ظاهر السبب هو الإضرار من قبل الدائن بالمدين لكي يتحمل تكلفة الفوائد التأخيرية فوق أصل الدين، وقد راعي المشرع ذلك ونص عليه بالمادة 229 التى نصت على أن:
"إذا تسبب الدائن بسوء نية، وهو يطالب بحقه في اطالة أمد النزاع فللقاضي أن يخفض الفوائد قانونية كانت ام اتفاقية أو لا يقضي بها اطلاقا عن المدة التى طال فيها الزاع بلا مبرر."
وهي صورة من صور استعمال الحق بصورة غير مشروعة كما في حكم المادة الخامسة (5) من القانون المدني التى تنص علي أن:
" يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:
أ‌-     إذا لم يقصد به سوى الاضرار بالغير.
ب‌-   إذا كانت المصالح التى يرمي إلي تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
ت‌-  إذا كانت المصالح التى يرمي إلي تحقيقها غير مشروعة."
ولا تستحق الفوائد التأخيرية أيضاً إذا كان عدم السداد  لا يتعلق بخطأ من المدين نفسه وانما بسبب أجنبي عنه، وذلك عن الفترة التى كان فيها عدم السداد راجع لذلك السبب الأجنبي ، وذلك إعملا لنص المادة 373 من القانون المدني التى تنص علي  أن:
"ينقضي الالتزام إذا أثبت المدين أن الوفاء به أصبح مستحيلاً عليه لسبب أجنبي لا يد له فيه."
وانتهت محكمة النقض في هذا الشأن إلي إعمال النص بعاليه حالة المطالبة بالفوائد التأخيرية حال امتناع المدين عن اسدادها لسبب أجنبي، فأورادت في أحكامها ما يلي:
"إذ كانت الفوائد التأخيرية تفترض حلول أجل الوفاء بالدين و ترصد على تعويض الضرر الناشىء عن التأخير فى هذا الوفاء ، و كان المشرع قد نص فى المادة 228 من التقنين المدنى على أنه لا يشترط لإستحقاق فوائد التأخير - قانونية كانت أو إتفاقية - أن يثبت الدائن ضرراً لحقه من هذا التأخير ، بما مفاده أنه يفترض وقوع الضرر بمجرد التأخير فى الوفاء إلا أن ذلك لا ينفى وجوب توافر ركن الخطأ فى جانب المدين حتى تتحقق مسئوليته ، و إذ كان تأخر المدين فى الوفاء بدينة فى الأجل المحدد له يعتبر خطأ فى حد ذاته إلا أنه إذا ثبت أن هذا التأخير يرجع إلى سبب أجنبى لا يد للمدين فيه إنتفت مسئوليته ، لما كان ذلك و كان فرض الحراسة الإدارية على أموال شخص بمقتضى الأمر رقم 138 لسنة 1961 يوجب - بمجرد صدور الأمر به - على يد ذلك الشخص عن إدارة أمواله و أخصها سداد إلتزاماته و إقتضاء حقوقه - فإنه يترتب على فرض هذه الحراسة وقف سريان الفوائد التأخيرية - قانونيه كانت أو إتفاقية - على الديون التى حل أجل الوفاء بها بعد صدور قرار فرض الحراسة."
(نقض مدني الطعن رقم 917 لسنة 50 ق، جلسة 29/04/1985)

رابعاً: لزوم مطالبة الدائن بها قضائياً:

وهو شرط منطقي فبدون المطالبة القضائية للدائن لا يجوز للمحكمة الحكم بالفوائد التأخيرية من تلقاء نفسها، بل ويمتنع عليها ذلك والا كانالحكم باطلا لقضائه بما لم يطلبه الخصوم، وعلى هذا استقرت محكمة النقض على أن:
"وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه كان قد خفض الفائدة الالتفاقية المنصوص عليها في العقد المشار إليه إلي سبعة في المائة إعمالا لحكم المادة 227 من القانون المدني إلا انه قضي بإلزام الطاعنين بفوائد تأخيرية دون أن يتحقق من أن المجلس المطعون ضده، طلب إلزامهما بهذه الفوائد، أو يتثبت من أنهما تأخرا في الوفاء بما قال ان ذمتيهما انشغلت به من دين فإنه فضلاً عن مخالفة القانون وخطئه في تطبيقه، يكون معيباً بقصور يبطله ونقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص ."
(نقض مدني ، الطعن رقم 4614 لسنة 70ق، جلسة 14/5/2002)
وبناء عليه ، إذا تخلف أي من الشروط سالفي الاشارة ، فان المحكمة يمتنع عليها الحكم بالفوائد التأخيرية من تاريخ المطالبة القضائية ويكون فقط حال ثبوت الدين للمحكمة القضاء بالفوائد عند تمام الحكم بمبلغ الدين، كما سنري فيما يلي.

الحالة الثالثة: استحقاق الفوائد عند الحكم بالدين:

كما رأينا بعاليه، إذا ما تخلفت أي من الشروط المنصوص عليها بالمادة 226 من القانون المدني فإن توقيت استحقاق الفوائد التـأخيرية يكون من تاريخ تمام الحكم بالدين للدائن وليس في ميعاد الاستحقاق أو من تاريخ المطالبة القضائية.
ومحكمة النقض مستقرة على ذلك حيث أوردت:
"إن مفاد نص المادة 226 من القانون المدني أن الفوائد القانونية لا تسري من تاريخ المطالبة إلا على المبالغ التى تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى، وكان المقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار هو – وعلى ما هو مقرر أيضاً- أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابته لا يكون معه للقضاء سلطة في تقديره."
(نقض مدني، الطعن رقم 3770 لسنة 77ق، جلسة 25/5/2017)
وفي حكم أخر:
عدم سريام الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية على المبالغ التى لا تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى . مثال ذلك. التعويض عن العمل غير المشروع. القضاء بالفوائد من تاريخ صدور الحكم."
(نقض مدني، الطعن رقم 347 لسنة 28ق، جلسة 12/12/1963)

ثانياً: حالات تحدد بالعرف التجاري أو الاتفاق:

أولا: العرف:

انتهت محكمة النقض في هذا الشأن إعملاً لنصوص القانون التى تقر سريان العرف في الحالات التى تنظم استحقاق الفوائد التأخيرية من مواقيت مختلفة عنما ورد بالقانون، فانتهت في أحكامها إلي أن:
" متى كان ما خلصت إليه المحكمة ، لا يتفق مع طبيعة عقود أو عمليات فتح الإعتماد بمعناها الفنى الدقيق ، و هى تمثل دينا على العميل دون أن تكون مغطاة كليا أو فى جزء منها ، و ذلك على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 276 لسنة 1956 المعدل للمادة الثالثة من الفصل الثانى من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 بفرض رسم دمغة على عقود أو عمليات فتح الإعتماد إذ ورد بها ما يلى " و كذلك رؤى إستبدال الرسم النسبى فيما يتعلق بعقود أو عمليات فتح الإعتماد و تحديدها بالرسم التدريجى المعمول به حاليا ، و لما كان قد ثار الخلاف حول مدى خضوع عقود أو عمليات فتح الإعتماد التى تمثل قرضا أو سلفة من البنك ، فقد رؤى حسم هذا الخلاف بقصر سريان الرسم على الإعتمادات بمعناها الفنى الدقيق و هى تلك الإعتمادات التى تمثل دينا على العميل قبل البنك دون أن تكون مغطاة كايا أو فى جزء منها " و كان لا يغير من هذا النظر أن المبالغ دفعت - من الشركة المشترة للأقطان - إلى العميل - البائع فى عقود توريد الأقطان - قبل قطع السعر ، إذ يتفق ذلك مع ما جرى به العرف فى تجارة القطن بالنسبة للعقود موضوع النزاع ، و فيها يتراخى تحديد الثمن و يبقى معلقا على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بإلتزاماته، وكان لا وجه للتحدى بإشتراط إستحقاق فائدة على المبالغ التى يسحبها العميل - من الشركة المشترية للأقطان - إذ هى مقابل التسهيلات الممنوحة له من الشركة و ليس من شأنها أن تغير من وصف هذه العقود . لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ جرى فى قضائه على أن العقود موضوع النزاع لا تنطوى على عقود أو عمليات فتح إعتماد و لا يستحق عنها رسم الدمغة المقرر عليها ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ."
(نقض مدني، الطعن رقم 318 لسنة 34 جلسة 03/05/1972)
إذ كان الثابت بالأوراق أن الشركة المطعون ضدها أسست طلبها للمبلغ محل المنازعة على أنه تعويض عن تأخير الشركة الطاعنة فى الوفاء بالمبلغ المستحق لها فى ميعاد استحقاقه وجبراً للضرر المترتب على حرمانها من الانتفاع به واستغلاله فى شتى أغراضه طبقاً للاتفاق المحرر بينهما مما تكون المبالغ المطالب بها فى حقيقتها وتكييفها القانونى الصحيح فوائد مقابل التأخير فى الوفاء بالالتزام بمبلغ محدد من النقود فى ميعاد استحقاقه ، وهو ما لا يجوز قانوناً فيما جاوز الحدود القصوى المقررة فى القانون إلا إذا نص القانون أو جرى العرف على غير ذلك، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه اتفاق الطرفين بشأن مقدار الفائدة التأخيرية على دين الشركة الطاعنة دون بحث مدى موافقة ذلك الاتفاق للحد الأقصى المقرر قانوناً للفائدة التأخيرية الاتفاقية المتعلقة بالنظام العام وفى ضوء القواعد المتقدمة ، فإنه يكون معيباً ."
(نقض المدني، الطعن رقم 6785 لسنة 75ق، جلسة 26/02/2007)

ثانياً: الاتفاق:

كما ورد بنص المادة 64 من قانون التجارة في شقها الأول يستحق العائد على التأخير في الوفاء بالديون التجارية بمجرد استحققها ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك، وننظر في هذا المقطع التالي من حكم النقض رقم 219 لسنة 84ق ما انتهت اليه محكمة النقض إعمالا لهذا النص:
يعتبر الرصيد مستحقاً بأكمله بمجرد قفل الحساب وتسويته ويصبح هذا الرصيد ديناً عادياً محدداً المقدار وحال الأداء وتسرى على هذا الرصيد الفوائد القانونية إلا إذا ثبت وجود عادة أو قاعدة تجارية تقضى بخلاف ذلك أو كان هناك اتفاق بين الطرفين على سريان فوائد معينه بعد قفل الحساب فإنه يتعين الأخذ بهذه الفوائد الاتفاقية ، باعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين وما دامت فى نطاق تعليمات البنك المركزى . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الأوراق وعقد القرض المؤرخ 29/5/1997 أنه نص فى بندية الثانى والثامن على اتفاق طرفية على احتساب عائد مركب بواقع 12,5% سنوياً يقيد على الحساب شهرياً وفى حالة التأخير عن السداد يصبح الدين واجب الدفع قبل حلول الأجل المبالغ التى تكون مستحقة على المدين بعد قفل الحساب يسرى عليها عائد مركب طبقاً لآخر تعديل فى سعر الفائدة يقرره البنك الطاعن أثناء سريان العقد وقبل قفل الحساب مضافاً إليه عائد تأخير بواقع 2% وإذ خالف الحكم المطعون فيه ما تم الاتفاق عليه بعقد القرض فى خصوص سعر العائد فى حالة عدم سداد الرصيد فى تاريخ الاستحقاق وقفل الحساب وقضى بفوائد قانونية بواقع 5% اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية فى 20/5/2002ولم يقض بالعائد المتفق عليه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه.
(الطعن رقم 219 لسنة 84 ق جلسة 17/05/2017)




تعليقات