القصد العام والخاص في الجريمة
القصد العام:
تعريفه :
"القصد العادى" "ارادة ارتكاب
الجريمة " " المخالفة مع العلم بأركانها التي يتطلبها القانون"
هو انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع توافر العلم بالأركان
التي يتطلبها القانون . ويكون القصد العام لازما لقيام المسؤولية الجنائية في جميع
الجرائم العمدية ، ويكون في حدود تحقيق الغرض من الجريمة و لا تميز بغيره حيث أنّ القانون
يكتفي بربط القصد الجنائي بالغرض الذي يسعى الجاني إلى تحقيقه بصرف النظر عن الباعث
الذي دفعه إلى ارتكاب الجريمة
وذلك يبين أنّ القصد الجنائي العام ينتفي في الجرائم غير العمدية
، و يحل محله الخطأ أو الإهمال أو الرعونة و هي جرائم تسود فيها فكرة الخطأ غير العمدي
كالقتل الخطأ و الإصابة الخطأ.
- "الإهمال و عدم الانتباه":
ينصرف معنى الإهمال و عدم الانتباه لتقاربهما في المعنى إلى
الخطأ الذي ينطوي عليه نشاط سلبي ترك أو امتناع يتمثل في إغفال الفاعل اتخاذ
الحيطة التي يوجبها الحذر ، و الذي لو أتخذه لما وقعت النتيجة . كأن يتسبب الشخص
في قتل إنسان أو جرحه بإهماله.
- "الرعونة ":
يقصد بالرعونة سوء التقدير ، وقد تتجسد الرعونة في واقعة مادية تنطوي
على خفة و سوء تصرف كأن يطلق الشخص النار ليصيد طير فيصيب أحد المارة ، وقد يتجسد
في واقعة معنوية تنطوي على جهل و عدم كفاءة كالخطأ في تصميم بناء يرتكبه مهندس ،
فيتسبب في سقوط البناء و موت شخص.
- "عدم الاحتياط ":
و يقصد به الخطأ الذي ينطوي على نشاط إيجابي من الجاني بدل عدم
التبصر بالعواقب ، و هذا الخطأ الذي يدرك فيه الجاني طبيعة عمله و ما قد يترتب
عليه من نتائج ضارة ، كقيادة السيارة بسرعة زائدة في شارع مزدحم بالمارة يفضى إلى
قتل أو جرح أحدهم .
ثانيًا: القصد الجنائي الخاص "الباعث الذاتى":
قد يتطلب القانون أن يتوافر في بعض الجرائم ـ إلى جانب القصد الجنائي
العام ـ الباعث على ارتكابها و يسمى هذا الباعث بالباعث الخاص أو القصد الجنائي الخاص
، و يقصد بالباعث الدافع النفسي لتحقيق سلوك معين بالنظر إلى غاية محددة.
علم الجاني بأنه يقوم مختارا بارتكاب الفعل الموصوف جريمة في
القانون ، و علمه أنه بذلك يخالف أوامره و نواهيه “.
من أمثلة الجرائم القصدية التي يتطلب فيها القانون قصدا خاص:
1- في جريمة السرقة يلزم بالاضافة الى تعمد إخراج
الشيء من حيازة صاحبه ، أن تنصرف نية الجاني الى تملك المال المسروق.
2- في
جريمة الاحتيال يلزم بالاضافة الى تعمد الاحتيال ووضع اليد على أموال الغير أن
تتوافر لدى الجاني نية سلب واخذ مال الغير سواء منقولا او غير منقول
ويلاحظ أنّ القصد الجنائي الخاص لا يكون إلاّ في الجرائم العمدية
كالذي يتطلب توافر القصد إلى جانب القصد الجنائي العام . ذلك أن توافر القصد الجنائي
الخاص في هذا النوع من الجرائم يفترض حتما توافر القصد الجنائي العام في حين أنّ توافر
القصد الجنائي العام لا يفترض دائما توافر القصد الجنائي الخاص.
ويلاحظ أيضا أنّ القانون لا شأن له في معظم الجرائم بالباعث أو الدافع
إلى ارتكابها ، حتى و لو كان هذا الباعث شريفا أو نبيلا كمن يرتكب جريمة قتل دفاعا
عن الشرف ، فإنّ ذلك لا يعفي الجاني من المسألة الجنائية ، وإن كان قد يدفع بالمحكمة
إلى تطبيق نظام الظروف المخفقة للعقوبة بحسب ظروف كل واقعة ، و بالنظر إلى ما تتمتع
به المحكمة من سلطة تقديرية في كل حالة على حدا.
القصد المحدود و القصد غير المحدود :
أنّ القصد الجنائي المحدود و القصد الجنائي غير المحدود صورتان
للقصد الجنائي العام ، ولا صلة لهما بالقصد الجنائي غير المباشر ، و هما صورتان لا
يكونا الا في الجرائم العمدية.
أولا : القصد الجنائي المحدود" القصد المحدد"
هو أن تنصرف إرادة الجاني إلى إحداث نتيجة معينة و عقد العزم
على ذلك. و مثاله أن يطلق الجاني النار على شخص معين يقصد قتله. ففي هذا المثال
تحدد موضوع الجريمة ، وبالتالي تحدد قصد الجاني .
ثانيا : القصد الجنائي غير المحدود "غير المحدد"
هو أن تنصرف إرادة الجاني إلى ارتكاب الجريمة غير مبال بما
تحدثه من نتائج ‘ فالجاني مسئول عن أية
نتيــــــجة يرتبها نشاطه الإجرامي .
ومثاله أن يطلق الجاني النار على تجمع من النّاس يقصد أن يقتل
منهم أي عدد ممكن ، و دون أن يكون لديه تصور محدد لأي عدد من النّاس سيقتل ، أي
دون تحديد لموضوع الجريمة ، وبالتالي يكون قصد الجاني غير محدد.
ونلاحظ أن الفرق بين القصد المحدد والغير محدد انما هى تفرقة
شكلية فقط لا قانونية حيث ان المسئولية الجنائية والنتيجة واحدة في نظر القانون.
القصد المباشر و القصد غير المباشر
أولا: القصد الجنائي المباشر:
يقصد بالقصد الجنائي المباشر أن” تنصرف إرادة الجاني إلى ارتكاب
الجريمة مع علمه بتوافر أركانها القانونية ، و اعتقاده اليقيني بأنّ نتيجة محررة بعينها
يقصدها ستحقق “.
أنّ القصد الجنائي المباشر لا يفترض في حق المتهم ، و تقدير توافره
مسألة موضوعية تخضع لتقدير قاضي الموضوع
ومثال القصد الجنائي المباشر أن يطلق الجاني النار على خصمه بهدف
قتله ، فإنّ الجاني في هذا المثال يتوقع نتيجة محددة يعينها و هي إزهاق روح المجني
عليه ‘ و بذلك يعتبر قصده هنا قصار جنائيا مباشرا.
ويلاحظ أنّ القصد الجنائي المباشر هذا المعني لا يبدو أن يكون القصد
الجنائي سواء كان عاما أو خاصا بحسب طبيعة الجريمة ، الذي هو عبارة عن انصراف إرادة
الجاني إلى ارتكاب الجريمة مع علمه بأركانها القانونية ، و الذي يميز الجرائم العمدية
عن الجرائم غير العمدية ، ولذلك يرى بعض الفقه عدم وصول أي مبرر عملي للتفرقة بين القصد
الجنائي العام و القصد الجنائي المباشر ، و إن كان لهذه التفرقة أهمية في التعرف على
القصد الجنائي غير المباشر .
ثانيًا: القصد الجنائي غير المباشر " الاحتمالي":
هو اتيان الجاني على نشاط إجرامي معين فتتحقق نتيجة أشد جسامة من
النتيجة التي توقعها في ارتكاب الجريمة ، ويتبن من ظروف الواقعة الاجرامية ما يدعو
إلى الاعتقاد بأنّ هذه النتيجة كانت في نظر الجاني ممكنة الوقوع لا أكيدة الوقوع .
و مثال القصد الجنائي غير المباشر أن يعمد الجاني إلى ضرب المجني
عليه ، و أن يؤدي هذا الضرب إلى وفاته ، ففي هذا المثال أقدم الجاني على فعل الضرب
، و لكن تحققت نتيجة أشد جسامة ممّا قدر لجريمته ولكن هذه النتيجة كانت في نظر الجاني
ممكنة الوقوع ، فيكون القصد الذي توافر لديه هو القصد غير المباشر أو الاحتمالي ، فيسأل
جنائيا عن جناية ضرب أفضي إلى الموت .
القصد الجنائي غير المباشر أو الاحتمالي صورة من صور القصد الجنائي
، على اعتبار أنّ الجاني توقع النتيجة و مع ذلك مضى في نشاطه الإجرامي غير مبال بما
يمكن أن يحدث.
تعليقات
إرسال تعليق